السبت، 3 سبتمبر 2016

أصدقاء حتى النهاية..

أصدقاء إلى الأبد


أصدقاء إلى الأبد


في يوم الاثنين، بدأت الدراسة في البلدة كالمعتاد. دخلت السيدة روز ماري للفصل. سيدة في منتصف العمر، تدرس الأطفال من الصف الخامس وحتى الثامن. ولها طريقه فريدة جدا في التدريس؛ حيث تشرح درسها ب إعطاء امثلة من الواقع. يستمتع الطلاب بدروسها وينتظرونه بفارغ الصبر.

"صباح الخير، يا استاذه" حياها الأطفال بحراره.
"صباح الخير، جميعا" ردت روز بتحية.
"كيف كانت عطلتكم الأسبوعية" سألت روز طلابها.

تحمسوا الأطفال وأصبح كل منهم يروي قصته وكيف قضوا الوقت مع العائلة، ذهب بعضهم لركوب الدراجة في أنحاء المدينة، وبعضهم استمتع مع والديهم في البستان. استمعت روز إليهم بصبر، أظهرت الاهتمام لهم ف أصبحت الأستاذ المفضل لديهم.

تدرس "ملحمة جلجامش"، قصيدة بابلية وهي من أوائل الأعمال الأدبية المعروفة في التاريخ. تروي صداقة بين جلجامش وأنكيدو. عندما أنتهى الطلاب من قراءه ربع القصيدة. بدأت بشرح الفكرة العامة بأن الشاعر أراد أن ينقل إلى العالم من خلال قصيدته. قبل أن تنهي الشرح، شاهدت في منتصف الفصل، يدا مرفوعة.

"نعم، ريفش، هل لي أن اعرف ماذا تريد؟" سألت روز.
"اعذريني يا استاذه، إذا كنت قد أخطأت. أردت فقط ان اسال هل حقا تشعرين بوجود صداقة حقيقية؟ هل رأيتِ من قبل علاقة بين الأصدقاء لم تنتهي؟

تفاجأت روز من السؤال، هذا يعني انها مضطرة أن تروي قصة قد دفنتها في قلبها منذ زمن طويل.
بعد أن توقفت للحظة، قالت: نعم لقد رأيت.
"لو سمحتِ أخبرينا عنها" الطلاب.

لذا بدأت روز تتحدث بصوت لطيف، وناظرت من خلال النافذة مده دقيقة قبل أن تلبي طلب العيون المتحمسة من تلاميذها.
وقالت: يا أطفال هذه القصة حقيقة، وقد شهدتها بنفسي.

بدأت الحديث: لقد درست في قرية صغيره في بوليفيا في جنوب أمريكا. في نفس الوقت درست طلاب من المستوى الثالث إلى الخامس. كانوا شبان ولطيفين، مثلكم. والطلاب كانوا من عائلات ذات دخل متوسط.

في يوم، انتقلت عائلة إلى القرية، وكانوا من طبقة الأثرياء جدا. لديهم ولد بعمر السبع سنوات. كان وقحا للغاية وغير مهذب، انتقل والدية هنا لأسباب مهنية. وكانا أطباء في مستشفى مشهور بالمدينة. لذا انتقل جون معهم وادخل للمدرسة التي ادرس فيها.
في اول يوم جاء فيه، كسر أحد أجزاء نافذة الفصل. تضارب مع الأطفال الاخرين، ومزق قمصانهم، ودفع بعضهم، وحطم ممتلكاتهم. استمر هذا الوضع لمدة أسبوع. اعتقدنا انه سوف يتحسن مع الوقت. بعد كل خطأ يخبرنا انه لن يفعل ذلك، لكن ليس هناك أي فائدة، ولم تتغير تصرفاته.

مؤخرا اتصلنا على والدية، ولكن يبدو انهما مشغولا، ولم يلقيا أهمية لطلبنا. جعلني ذلك اشعر بعدم وجود رعاية ابوية، وترعرع بسببه على هذه التصرفات. فكرت في تقنية جديده، لمساعدة جون. جعلته يجلس بجانب أفضل طالب في الصف. مارتن لم يكن جيدا في الدراسة فحسب بل حتى في أشياء أخرى. في نفس الوقت مارتن مهذب للغاية ومتواضع.

في اليوم الأول من جلوس جون بجانب مارتن، أكل جون من صندوق غداء مارتن. عادة جون يفعل ذلك ويستمتع عندما ينزعج منه الاخرين أو يبكون. لكن تفاجئ عندما ابتسم له مارتن وقال: هل لي بان اكل معك، انا جائع؟ فتن جون برد مارتن ومن لطف طلبه، فتح صندوق غداءه واعطاها مارتن.

في اليوم التالي: مزق جون إحدى صفحات كتاب مارتن، وهو متأكد بان مارتن سيصدم أو يتعارك معه. لكن للمرة الثانية صدم من رده فعل مارتن، عندما ذهب مارتن للأستاذ لطلب شريط لاصق لكتابه الممزق. فلم يقل أي كلمه سيئة لجون.

بدأ جون يضيق من طبيعة مارتن السليمة وباتت محاولاته لمضايقته فاشلة. فكل يوم يفسد شيء أو أشياء لمارتن، لكن مارتن يقابله بالصمت لكل شيء يفعله به. تنازل جون عن افعاله وسأل مارتن: من أين تأتي بهذا الصبر؟ ولماذا لا تتعارك معي؟

ابتسم مارتن ودار نفسه نحو جون وقال: انا لا اتعارك مع أصدقائي. لماذا اسئ لشخص بلا سبب، عندما اعرف انني أستطيع إصلاح الخطأ أو عندما أجد حلول لبعض المشاكل.
تابع مارتن حديثه بقوله: هل تعرف يا جون شيء، أمي قالت: كما تدين تدان.

كلمات مارتن صدمت جون فجلس بهدوء يحدق في مارتن. قال مارتن: جاء دوري لطرح سؤال، لماذا يا جون تفعل أشياء مؤذية، بدلا من تكوين صداقات وضعت أعداء عليك. ما الذي يدفعك لفعل كل هذا؟

كان السؤال كما الرصاصة على قلب جون الصغير، ولأول مره دمعت عيونه، وضع يديه على وجهه خجلا. وبصوت خافت ومخنوق قال: والداي لم يهتما بي. ابدا هم لم يستقبلوني صباحا ولا ليلا. كانت مربيتي معي دائما، لكن انا اريد والداي. مره كسرت تمثالا غالي الثمن في منزلنا، في ذلك اليوم وبخني ابي كثيرا، لكن على الأقل كان قريبا مني. في يوم أخر، أخرجت مسامير التلفاز، في نفس اليوم صفعتني امي بقوه، لكن على الأقل فقد لمستني. اعتقدت انه إذا فعلت أخطاء سأحصل على وقت ليكون والداي حولي. بدأت في هذا وشعرت أني لفت انتباه والداي بفعل الأخطاء، أفضل فعل المزيد. مارتن ليس لديك فكره عن شعور ان تكون غير مرغوب به. بدأت دموعه تنهمر على وجنتيه الناعمة.

شعر مارتن بالحزن، فسؤاله جعل جون يبكي.
"جون، انا جدا اسف، انا حقا لم اقصد ان تتألم"
"حسنا جون، هل تعدني بشيء؟" مارتن يسال بحماس.
"ماذا؟" فأجاب من تحت يديه.
"إذا كنت معك، طوال حياتك، في الأوقات الجيدة والسيئة، وإذا وعدتك بأن أعطيك الاهتمام الكامل، بغض النظر عن حاجتك لي أم لا، هل ستوقف الأفعال الخاطئة؟ أستطيع أن أوكد لك أني سأبقى معك دائما." قال مارتن بحزم وإصرار.
"نعم سأتوقف عن كل هذه الأخطاء التي افعلها."
ابتسم بفرح. ابعد دموعه، وحضن مارتن.

اليوم التالي، دهش الجميع، يمشي جون امام الصف ويعتذر عن اخطائه ويعدهم بان يتحسن ويكون صديق جيد. أتى لي وشكرني لأني اجلسته بجانب مارتن. كنت سعيدة جدا لتغيره وأصبح جون المهذب.

مضت سنوات، وزادت الصداقه بينمها اقوى واقوى. مارتن ساعده من الدراسة للرياضة، وكل شيء يحتاجه جون للمساعدة. حافظ على وعده. يدرس مارتن أولا ثم يشرح لجون، اصبح يدرس جيدا في الاكاديمية. بتشجيع وتحفيز مارتن، وصل جون إلى فريق كرة السلة في المدرسة. فكلا منهما يمثلا المدرسة في مسابقات كرة السلة بين المدارس.

مرت الأيام، وانا سعيدة لرؤية تزايد حبهم. كان مارتن مهتم جدا بجون. يحميه من كل شيء يشكل خطرا عليه. لكن هناك شعور بقلبي بان جون ليس كمارتن. كان لدية شعور طفيفا من الحسد أو الغيرة بداخله. على الرغم من سلوكه المكرر، من الصعب فهمه.

في الشتاء، في يوم 9 يونيو، 1994. في الصباح شعرنا بهزه قليلا كما لو ان السرير يهتز. لم يهتم أحدا بهذا. بدأت الدراسة الساعة 8:00 ص كما المعتاد. في تمام الساعة 10:00 ص أهتز مبنى المدرسة اهتزازا عنيفا، فكان زلزالا بلغت قوته عاليا. أعلنا بطريقة عن خروج الأطفال من الصفوف الدراسية. تحولت المدرسة إلى فوضى عارمة. بدأنا بأخذ الطلاب الصغار، أما الكبار سيستطيعون الخروج بأنفسهم. بدا الزلزال يضرب بين الحين والأخرى، بعد أن أخرجنا أغلب الطلاب من المدرسة، والبعض منا ركض للتأكد بانه لا يوجد أحد بالمدرسة. 

عندما وصلت إلى الطابق الثالث رأيت جون، يحاول دعم نفسه مع مساعده العامود ويده ممتدة وكانه يحاول سحب احدهم. ولدهشتي، كان مارتن متدلي بعد ان كسر الجدار بسبب ارتفاع حجم الزلزال. انضممت لجون لمساعدته لسحب مارتن.
مارتن وهو يبكي، "لا استطيع، اهربا"
قلت: "انا استاذتك، لا أستطيع تركك تموت امام عيني."
قال جون وبصوت مكسور: "إذا تركت يدك اليوم، لن أستطيع البقاء على قيد الحياة وإكمال حياتي. انت من علمني المشاعر الإنسانية، من محب ومحبوب. انت كنت هناك لاجلي في كل لحظه من حياتي، سواء في الحزن أو الفرح، فكيف تتوقع مني أن اهرب واتركك في هذه الحالة. وأيضا لقد وعدتني أن تكون معي طوال حياتي، وانا لن اسمح لك بكسر وعدك، يا صديقي.


ذاب قلبي من الاستماع لحديثهما. لقد اعتقدت أشياء حول جون خاطئة. كلانا انا وجون استطعنا سحب مارتن ارتفاعا طفيفا، على الأقل مارتن قادر الاستناد على قضيب حديدي. كلاهما كبرا، وانا وجون ليس من الممكن سحب شخص كبير كمارتن، طلبت من جون مسك يد مارتن وطلبت من مارتن اتخاذ القضيب الحديدي دعما في الوقت نفسه، سأحضر المزيد من الأشخاص للمساعدة. نزلت مسرعة الخطوات، وجدت بعض المعلمين وطلبت المساعدة. وكنا في طريقنا للطابق الثالث، استطعنا رؤيته جون ملقى على الأرض. بخطوات سريعة كنا نقترب منهم، عندما ضرب الزلزال مره أخرى. بطريقه ما، تمسكنا بالنوافذ والابواب للحفاظ على التوازن. قبل أن نتمكن من الوقوف، لم نرى جون في الطابق. عندما رأينا خلف الجدار وجدناهم قد سقطا على الأرض. ورؤوسهم غارقه في بركه من الدماء، لكن أيديهم كانت ممسكه ببعضها. لقد حافظوا على وعدهم؛ لم يترك احدهم الاخر حتى النهاية.


أخذناهم إلى المستشفى، ولكن أخبرنا الطبيب أنهم فارقو الحياة من ساعات مضت.
أنهت روز القصة، ودموعها تنهمر من عينيها، كما لو أنها أعادت المشهد. غادرت الصف ولم تنطق بكلمه واحدة.

هكذا هو عهد الاصدقاء، لم يشأ احدهم ترك اخيه لوعده له، فذهبا معا كما وعدا بعضهم بان يكونا معا.



ترجمته: مغآم*

بـداية الخير قطرة مطر،.،




بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته